اللقيفة1 (Meme، نقحرة: ميم)، بمفهومها الأصلي، هي وحدة لنقل المعلومات الثقافية، تنتقل من عقل إلى آخر عبر التقليد أو التعليم. وقد صاغ المصطلح عالم البيولوجيا التطورية ريتشارد دوكنز في كتابه «الجينة الأنانية» (1976)، حيث استند إلى مفهوم المورثات البيولوجية في شرح كيفية تطور الأفكار والممارسات البشرية داخل المجتمعات. وتُعد اللقيفة أداة لفهم آلية انتقال العناصر الثقافية وتغيرها عبر الزمن، تمامًا كما يحدث مع المورثات في علم الأحياء.
تعريف اللقيفة وفق دوكنز
عرّف دوكنز اللقيفة بأنها «وحدة لنقل الثقافة»، قد تكون عبارة أو لحنًا موسيقيًا أو أسلوبًا معينًا أو حتى ممارسة اجتماعية. وتمامًا كما تحمل المورثات المعلومات البيولوجية، تحمل اللقائف المعلومات الثقافية، وتتنافس فيما بينها للبقاء والانتشار.
تنتقل اللقائف بين العقول عبر التقليد أو المحاكاة، وذلك على عكس الأثيلة، وتنمو وتتكاثر عندما تجد بيئة مناسبة، مثل المجتمعات أو الوسائط التي تعززها. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تكون أغنية شعبية لقيفة إذا انتقلت من فرد إلى آخر وأصبحت جزءًا من ثقافة معينة.
كيف تعمل اللقائف من منظور تطوري؟
- الانتقاء الطبيعي الثقافي:
في الثقافة البشرية، كما في الطبيعة، تنجو الأفكار الأقوى والأكثر جاذبية. لقيفة قادرة على لفت الانتباه أو تقديم فائدة عملية أو رمزية يمكن أن تنتشر بسهولة. - التغير والتكيف:
يمكن أن تتغير اللقائف أثناء انتقالها، سواء بإضافة عناصر جديدة أو بحذف أجزاء غير فعالة. هذه التعديلات تجعلها أكثر ملاءمة للسياقات الجديدة. - التكاثر والانتشار:
تنتقل اللقائف عبر وسائط مختلفة، سواء كانت القصص الشفوية، أو الكتب، أو الإنترنت في عصرنا الحالي.
أمثلة علمية على اللقائف
- الألحان الموسيقية:
أغنية متداولة تتحول إلى لقيفة حين يغنيها الناس أو يعيدون استخدامها بأشكال مختلفة. - العادات الاجتماعية:
عادات مثل الاحتفال بأعياد الميلاد أو ارتداء ملابس معينة في مناسبات محددة يمكن اعتبارها لقيفات. - الأقوال المأثورة:
عبارات مثل «عامل الآخرين كما تحب أن تُعامل» تنتقل كتعاليم اجتماعية عبر الأجيال.
خصائص اللقائف من منظور دوكنز
- القدرة على الانتقال:
اللقائف التي يسهل تذكرها وإعادة إنتاجها أكثر احتمالاً للانتشار. - الإغراء الثقافي:
الأفكار التي تتوافق مع الاحتياجات النفسية أو الاجتماعية تصبح أكثر جاذبية. - القابلية للتغيير:
التكيف مع الزمن والسياق يجعل اللقيفة قادرة على البقاء.
من اللقيفة الثقافية إلى لقائف الإنترنت
تطور مفهوم اللقيفة في العصر الرقمي، ليمتد إلى ظاهرة جديدة: لقائف الإنترنت. رغم أن المبدأ الأساسي يبقى نفسه – انتقال المعلومات والتغيير عبر التقليد – فإن الوسائل أصبحت مختلفة، مع استخدام الإنترنت كمنصة أساسية.
لقائف الإنترنت: مفهومها وأهميتها
لقائف الإنترنت هي صور أو نصوص أو فيديوهات قصيرة تحمل أفكارًا أو رسائل ساخرة تنتشر بسرعة على الإنترنت. تختلف عن اللقائف التقليدية بأنها تعتمد بشكل كبير على التقانة الحديثة وسرعة الاتصال.
- التطور السريع:
لقائف الإنترنت تظهر وتختفي بوتيرة أسرع من اللقائف التقليدية، حيث تتغير بحسب الترندات والموضوعات الرائجة. - التفاعل الجماهيري:
المستخدمون يشاركون في تعديل اللقيفة وإعادة إنتاجها، مما يجعلها أداة ديناميكية للتعبير. - التأثير الثقافي:
تُستخدم لقائف الإنترنت للتعبير عن الرأي أو المزاح أو حتى لنقل رسائل سياسية واجتماعية.
الفرق بين اللقائف التقليدية ولقائف الإنترنت
الجانب | اللقائف التقليدية | لقائف الإنترنت |
---|---|---|
الوسيلة | تقليدية: شفهية أو مكتوبة | رقمية: منصات التواصل |
السرعة | بطيئة نسبيًا | فورية وسريعة |
الاستمرارية | طويلة الأمد | قصيرة الأمد غالبًا |
الإبداع | محدود بالتقليد | يعتمد على تعديل المستخدمين |
الهامش
- لقد اخترنا – في المؤدى – ترجمة المصطلح إلى «لقيفة» بدلاً من استخدام الكلمة المعربة «ميم»، وذلك استناداً إلى بساطة المفهوم، الذي لا يستدعي اللجوء إلى التعريب إلا كخيار أخير، بعد تعذر إيجاد اشتقاق عربي مناسب. وقد اعتمدنا في صياغة «لقيفة» على أساليب الاشتقاق المتعارف عليها، مستفيدين من المجاز ومن الجذر «لقف»، الذي يدل على الالتقاط السريع. صغنا الكلمة على وزن «فعيلة»، على غرار كلمات مثل «حقيقة» و«صحيفة»، لتعبّر عن معنى الشيء المُلتقَف أو المقلَّد، الذي بحكم طبيعته ليس أصيلاً. ↩︎