الاستدلال: مفهومه وأنواعه

انظر مسرد المصطلحات في الأسفل.

يُعَدّ الاستدلال أحد أبرز العمليات العقلية التي يعتمد عليها الإنسان في تفسير الظواهر، واستخلاص النتائج، وبناء المعارف. ويُعرف الاستدلال بأنّه العملية الفكرية التي ينتقل فيها العقل من مقدمات معلومة أو مفترضة إلى نتائج جديدة. وتختلف أنواع الاستدلال وفقاً لطبيعة العلاقة بين المقدمات والنتائج، ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع رئيسية: الاستنباط، والاستقراء، والاسترجاح.

1. الاستنباط

يُعرّف الاستنباط بأنّه عملية استدلال منطقي تنتقل فيها النتيجة من مقدمات عامة إلى نتائج خاصة، بحيث تكون النتيجة متضمنة بالضرورة في المقدمات إذا كانت هذه المقدمات صحيحة. ويُعتبر الاستنباط أداة رئيسية في العلوم الدقيقة كالرياضيات والمنطق، حيث تُبنى النتائج على قواعد ثابتة لا تقبل الشك.

مثال على الاستنباط:

• كل البشر فانون (مقدمة عامة).
• سقراط إنسان (حالة خاصة).
• إذن، سقراط فانٍ (نتيجة حتمية).

في هذا النوع من الاستدلال، تكون النتيجة يقينية إذا كانت المقدمات صحيحة، وهو ما يجعل الاستنباط وسيلة دقيقة لإثبات الحقائق أو دحضها.

2. الاستقراء

يُعرّف الاستقراء بأنّه عملية استدلال تنتقل فيها النتائج من ملاحظات جزئية إلى تعميمات عامة. ويُستخدم الاستقراء بشكل واسع في العلوم الطبيعية والاجتماعية، حيث يعتمد العلماء على ملاحظة الظواهر وتكرار التجارب للوصول إلى قوانين عامة.

مثال على الاستقراء:

• رأيت الشمس تشرق من الشرق اليوم.
• رأيت الشمس تشرق من الشرق أمس.
• رأيت الشمس تشرق من الشرق في اليوم الذي قبله.
• استنتاج: الشمس تشرق دائماً من الشرق.

رغم أن الاستقراء يؤدي إلى نتائج مرجحة وقابلة للتحقق من خلال التجربة، إلا أنه لا يمنح يقيناً مطلقاً كما هو الحال في الاستنباط. ويُعتبر الاستقراء أساساً للتجريب العلمي، حيث يتم اختبار الفرضيات وصياغة النظريات بناءً على الملاحظات.

3. الاسترجاح

يُعد الاسترجاح نوعاً من الاستدلال الذي يُستخدم لتفسير الظواهر بناءً على أفضل الفرضيات المتاحة. ويُعرف أيضاً بـ«استخلاص أفضل تفسير». في هذا النوع من التفكير، يبدأ العقل من نتيجة أو ظاهرة قائمة، ثم يحاول البحث عن أفضل فرضية تفسر هذه الظاهرة.

مثال على الاسترجاح:

• وجدت الأرض مبللة هذا الصباح.
• أفضل تفسير هو أن المطر قد هطل خلال الليل.
• إذن، من المرجح أن يكون المطر قد هطل.

على خلاف الاستنباط والاستقراء، لا يضمن الاسترجاح صحة النتيجة، بل يقدم تفسيرات محتملة أو مرجحة تعتمد على القرائن المتوفرة. ويُستخدم هذا النوع من التفكير في مجالات مثل الطب، حيث يتم تشخيص الأمراض بناءً على الأعراض، وفي التحقيقات الجنائية، حيث تُستخلص الفرضيات بناءً على الأدلة.

الفرق بين الأنواع الثلاثة